موقع استقلالي سيادي : ناشر ورئيس التحرير وسيم ماضي
متفرقات

حكاية قوى الأمن والرّدارات

منال أيوب منال أيوب
في منطقة جبليّة حيث لا ترى على أطراف الطّرقات إلّا الأشجار والأشواك، على طريق حيث لا حركة مرور كثيفة عليها ولا حتى متوسّطة …. على طريق نائية عن العالم “لقتني الرّادار”. 
وإذا رأيت إشارة عليها السّرعة المحدّدة، “هذا إن رأيت”، الأفضل عليك أن تمشي سيراً على الأقدام بدلاً من قيادة السّيارة بسرعة تكاد أن تخطف منك وعيك! أو عليك رفعها لأنّها انحنت ترحيباً بالعواصف والثّلوج!
على طريق بيروت الساحلية المكتظ بالسيارة، على الاوتستراد من الشمال الى الجنوب حيث “عجقة السير” “لقتني الرّادار”.
هذا ما تتفاخربه قوى الأمن بعد كل يوم أمنيّ، من نتيجة الرّادار وعدد مخالفات السّير التّي تُضبط على الطّرقات اللّبنانيّة، متذرّعة بحجّة أنّها تحفاظ على سلامة المواطنين وجمع المال لصالح الدّولة لتطوير المهام وتحسين وضع الطرقات.
وطبعاً مَن يُخالف، لا بدّ من أن يُعاقب… كلّنا تحت القانون ولا يمكن لأحد أن يعلو عنه!
هذه السّياسة جيّدة إلى أقصى الحدود، ومن الخطوات التّي تحدّ من حوادث السّير ومن الإصابات النّاتجة والتّي يتخطّى عددها المئات في السّنة الواحدة بسبب السّرعة الزّائدة.
هذا الإرتفاع التّدريجي هو نتيجة غياب الرّقابة الفعليّة على الطّرق… فكانت الرّدارات وكاميرات المراقبة الحلّ المناسب لردع المخالفين وخطّة مناسبة لتعزيز السّلامة المروريّة.
بدأت حملة تطبيق قانون السّلامة المروريّة عام 2010، في عهد وزير الدّاخليّة زياد بارود، ولاقت هذه القضيّة اهتماماً واسعاً نظراً لفعاليّتها ودورها في وضع حدّ للسرعة والحوادث.
لكن السّؤال الذي يُطرح: هل يمكن للدّولة محاسبة المواطن على الطّرقات، حيث لا يمكن رؤية إشارة السّرعة المحدّدة على طريق معيّن إلّا بعد كيلومترات…؟ أي عندما تكون قد “أكلت الضّرب”؟
هل يمكن للدّولة أن تحاسب المواطن من خلال قانون سير، وهي لا تقهر نفسها لتحسين وضع الطّرقات المزيّنة بالخنادق؟
هل يمكن للدّولة أن تحاسب المواطن على السّرعة الزّائدة بعد “انتفاضته” وانتظاره دقائق وساعات على الطّريق بسبب زحمة السّير؟
هل نسيت الدّولة أو حكّامها، أنّ حادث سير واحد وبسيط أو تعطّل إطار سيارة يمكن يعرقل حركة المرور لساعات ويتسبّب بزحمة خانقة بسبب قلّة التّدبير؟
لنعتبر أنّنا نتعدّى على الدّولة ونظلمها، وأنّ قانون السّير “فقط” لمصلحة المواطن… ماذا إذاً عن الأموال الطّائلة التّي تجمعها وزارة الدّاخلية وعن عائدات مخالفات السّير؟ هل تُستخدم لتحسين وضع الطّرقات التّي “أقرفت المواطن” حياته، وإذا نادى وسمعت، تأتيك ب”التّرقيع” أي من السّيء إلى الأسوء؟!
نريد قانوناً للسّير، نريد عقاب الرّادارات، نريد أن ندفع ثمن المخالفة… لكن شرط أن تقوم الدّولة بتنظيم قواعد السّير وكل ما يتعلّق بها بلا استثناء، لا أن تأخذ منّا المخالفات من دون أن تقدّم لنا أي شيء بالمقابل! ولو كانت فعلاً تبحث عن سلامتنا… لكان الأمر مختلف تماماً!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى