موقع استقلالي سيادي : ناشر ورئيس التحرير وسيم ماضي
أبرز أخبار طرابلس

دبوسي في الذكرى السنوية لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري :الخيار الإستراتيجي الدائم للنمو والإنماء والإعمار

كلما تجددت الذكرى المؤلمة لتغييب المغفور له دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري كلما تجذرت في مسيرتنا المساهمة الحثيثة في تحقيق الخير العام وترسخت صلابة إرادة التصدي بكل ثقة ومسؤولية لكافة المعوقات التي تحول دون تحقيق النهوض الإقتصادي والإنماء الإجتماعي والعمل على إستثمار الآفاق المتاحة لتجاوز التحديات التي يواجهها لبنان وسط المحيط الجغرافي الملتهب، مستلهمين التراث الكبير الذي ينطوي عليه مسار التخطيط الانمائي في لبنان لتجديد الثقة بالإقتصاد اللبناني وتحصين خصوصياته وفرادته وريادته وإظهار ميزاته التفاضلية وهو الخيار الإستراتيجي الذي إستند عليه الشهيد الرفيق وضمنه كتابه “المسؤولية والحكم”، ويتم من خلاله إعادة تأكيد الهوية الإقتصادية اللبنانية، وقد تلاقى عليها اللبنانيون في أكثريتهم الساحقة منذ بدايات الإستقلال وأكدوا عليها منذ ذلك اليوم بلا توقف، وتجنب أية مبادرات أو إجراءات أو دعوات تتعارض وهذه الهوية، مع ما يعنيه ذلك من أهمية قصوى بالنسبة لتشجيع الإستثمارات اللبنانية والعربية والأجنبية وتدفق رؤوس الأموال وتبني سياسات واضحة تنمي قدرات الشعب اللبناني بكل مكوناته وتوسع آفاق الإقتصاد المتوازن من خلال نظام ضريبي يشجع على النمو ويؤمن مصالح ذوي الدخل المحدود، ويوفر فرص عمل متزايدة تفسح في المجال لإستيعاب طاقات الشباب وتشجيع الكفاءات المهاجرة على العودة الى أرض الوطن وإزالة العراقيل من أمام المبادرة الفردية، وبالتالي السهر على تفعيل القطاع العام وزيادة إنتاجيته وتحديث نظمه وقوانينه وتسهيل المعاملات الرسمية وتخفيض عبئها على المواطنين وعلى القطاع الخاص وجعل القطاع العام أداة مشجعة للنمو وغير معيقة له، بناءً لقاعدة باتت واضحة وهي أن مسؤولية الإدارة العامة لا تختزل الى مجرّد المتابعة وعدم وضع العراقيل بل تتضمن أيضاً المبادرة لخلق مناخ إستثماري ملائم محفز للنمو والإنماء.

 

ويستدعي الواقع القائم المزيد من إشراك القطاع الخاص لتحسين فعاليته ويوفر الإستثمارات الإضافية اللازمة، ومن شأن تعزيز دوره أن يوفر أيضاً دعماً مضافاً للخزينة، وهذا بدوره يزيد من إنتاجيته وقدرته التنافسية مما يؤدي الى تعزيز مرتكزات النمو الإقتصادي والإنماء الإجتماعي.

ولقد أدرك الشهيد الرفيق بقراءته الإستشرافية أن التطورات الإقتصادية التي عصفت بالعالم قد زادت من وتيرة المنافسة الاقتصادية مما حوّل السياسة الخارجية الى أداة فعّالة في التسابق على ايجاد أسواق للمنتجات والخدمات الوطنية ولم يعد بإستطاعة الدول ومنها لبنان، إهمال هذه الأداة الإقتصادية الجديدة التي ترتكز على سياسة خارجية فاعلة ومواكبة للتطورات الجارية وتضع خبراتها وكفاءتها في خدمة الإقتصاد الوطني، لا سيما أن للبنان في هذا الإطار قدرات كبيرة، إن من خلال أبنائه في بلاد الإنتشار وأشقائه في بلدان الجوار العربي ، أو من خلال أصدقائه الكثر في المجتمع الدولي، حيث بات من المؤكد أن لبنان أصبح في حاجة ماسة لتعزيز طاقاته الديبلوماسية وقدراته التقنية وادارته للسياسة الخارجية ذات المردود الاقتصادي، كما أصبحت تنمية العلاقات والصداقات الخارجية من صميم المهمات اللبنانية الكبرى لأنها تلعب دوراً أساسياً ومحورياً في تطوير قدرة لبنان وإتساع دور ديبلوماسيته في الخارج لخدمة الإقتصاد الوطني وتحديثه وتنميته.

 

إن فلسفة الإنماء التي تضمنتها الخطة الحريرية للنهوض الإقتصادي هي النموذج الأكثر مواكبة لمتطلبات حركة الإنماء في المجتمعات المعاصرة بما تتصف من جدية في بناء قواعد دولة القانون والمؤسسات والأكثر تقدماً في مسيرة التنمية في لبنان التي بدأت في أواسط خمسينيات القرن الماضي حينما إستقدمت الحكومة اللبنانية الخبير الإقتصادي فان زيلاند وعهدت اليه بإجراء تقييم للأوضاع الإقتصادية والإجتماعية وبتقديم الإقتراحات التي يراها ضرورية للحكومة اللبنانية لتستنير بها في تسيير شؤون البلاد وتنامت مع بعثة “إيرفد” التي قادها الأب الدومينيكاني لويس جوزيف لوبريه التي أتت الى لبنان أواسط الستينيات من القرن الماضي وقامت بمسح شامل للأوضاع الإقتصادية والإجتماعية وأعلنت برنامجها العلمي المتكامل آنذاك، وقبيل إنتهاء عملها مرّ في بيروت خبير إقتصادي هولندي يعمل في منظمة الأمم المتحدة يدعى زيمرمان وكان صديقا للأب لوبريه فإستضافه مدير البعثة ريمون دلبرا وأهداه نسخة من تقرير “إيرفد” العلمي.  

 

إننا إذ نستذكر مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ذكراه المؤلمة في الرابع عشر (14) من شباط من كل عام، فإننا نعتقد تماماً أن دينامية التنمية اللبنانية الشاملة والمستدامة التي إستعرضنا مسيرتها التاريخية في لبنان، لا يمكن أن تأخذ مداها الأوسع إلا بتضافر جهود الدولة والمجتمع لتحسين ظروف اللبنانيين وأوضاعهم الحياتية لأن التنمية وخططها وبرامجها هي أعطائهم المزيد من الفرص لتحقيق إنسانيتهم أولاً وأخيراً في مناخ من الحرية والديمقراطية تتحقق معهما الكرامة الوطنية الهدف المحوري الذي ينشده خيار النمو والإنماء والإعمار الذي رسى قواعده الإستراتيجية الرئيس رفيق الحريري وإستشهد من أجله.

 

وتبقى علينا متابعة برامج الإنماء والإعمار وتدعيمها عبر توسيع قدراتنا التنفيذية والإستفادة من منشآت البنية التحتية التي باتت متوفرة الى حد كبير وتشجيع الشراكة بين القطاعين العام ولخاص في جهود التحديث الاقتصادي.

ونثق تماماً أن المرحلة التي يمر بها لبنان يجب أن يستفيد منها جميع اللبنانيين فيعمدوا الى تقوية إقتصادهم الوطني ليكتسب مناعة تساعده على الصمود في وجه التحولات والمتغيرات الداخلية والإقليمية والدولية ليبقى واحة إستقرار وتقدم وإزدهار.

▪▪▫▪▪
*تِرٌيبًوٌلّي نٌيوٌزُ أِلّإخٌبًأِرٌي*

‏ *?Tripoli News*    

‏ http://tnnlb.org/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى