فيصل كرامي اقام حفل عشاء للوفد الفرنسي : أبشع ما وصلنا اليه اليوم هو التهديد الذي يتعرض له المسيحيون في الشرق والتهديد الذي يتعرض له المسلمون في الغرب
فيصل كرامي اقام حفل عشاء للوفد الفرنسي : أبشع ما وصلنا اليه اليوم هو التهديد الذي يتعرض له المسيحيون في الشرق والتهديد الذي يتعرض له المسلمون في الغرب
محمد سيف 2017/2/23
رأى الوزير السابق فيصل عمر كرامي “ان البؤرة الوحيدة التي تتيح لنمو التخلف والهمجية والأرهاب هي انعدام العدالة والسكوت عن الظلم وازدواجية المعايير السياسية والأخلاقية في المجتمع الدولي تجاه القضايا العادلة”.
ولفت الى ان “العنوان الأبرز لفشلنا كبشر هو ما حدث قبل نحو 70 عاما حين تم السطو على أرض فلسطين وتشريد أهل الأرض الى المنافي وان طغيان ثقافة التطرف المتنامية منذ زرع اسرائيل كدولة دينية في أرض فلسطين، كفيل بالقضاء على الجذور وعلى التنوع وعلى العيش الواحد”.
واوضح ان ” أخطر ما شهدته البشرية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية هو هجمة لا توفر أحدا ولا تستثني بلدا، وعنوانها الأبرز التطرف الديني الذي يرد عليه الغرب للأسف بتطرف عنصري، لدرجة يمكن القول أن شعبية الفكر الفاشي صارت في الصدارة في كل المجتمعات”.
وتطرق الى “ازمة النازحين السوريين وتقصير الاتحاد الاوروبي في مساعدة لبنان لمواجهة هذه الازمة، والى افشل اللبنانيين في اقرار قانون انتخابات عادل يحقق صحة التمثيل”
كلام كرامي، جاء خلال عشاء اقامه على شرف الوفد الفرنسي من محافظة الالزاز الذي يزور طرابلس بدعوة من كرامي منذ يوم اول امس ويغادر لبنان صباح الجمعة، وذلك في مطعم الشاطئ الفضي في الميناء، وضم عضو مجلس الشيوخ الفرنسي نائب رئيس الشؤون الاوروبية ونائب رئيس العلاقات الفرنسية الخليجية ورئيس اللجنة الأقتصادية في شرق فرنسا السيناتور آندريه ريتشارد، رئيس بلدية كولمار رئيس اتحاد بلديات كولمار جيلبرت ماير،
رئيسة بلدية دنشيم سور بروش ورئيسة اللجنة السياحية في شرق فرنسا السيدة ماري – رين فيشر، مدير عام اللجنة الأقتصادية في شرق فرنسا فيليب شوكرون، المستشار السياسي الاقتصادي في المحافظة احمد رفاعي.
حضر حفل العشاء الى كرامي، الدكتور سعدالله صابونة ممثلا الرئيس نجيب ميقاتي، احمد الصفدي ممثلا الوزير السابق النائب محمد الصفدي، الوزير السابق رئيس جامعة المنار الدكتور سامي منقارة، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء رئيس بلدية طرابلس المهندس احمد قمرالدين، رئيس بلدية الميناء عبدالقادر علم الدين، رئيس غرفة طرابلس توفيق دبوسي، مستشار وزير الطاقة والمياه طوني ماروني، افراد العائلة الكرامية، رؤساء بلديات القلمون، وادي النحلة، مرياطة، راسنحاش، وراسمقا، ورجال دين مسلمين ومسيحيّن وممثلوا احزاب لبنانية وروساء المصالح والدوائر الرسمية والخاصة وقطاعات الاطباء والمحامين والمهندسين وادارة جامعة المنارفي طرابلس والمدرسة الانطونية في الميناء وحشد من الشخصيات والفاعليات.
وقال كرامي: “يسعدني أن أرّحب بكم في طرابلس، مثمّنا تلبيتكم الطيبة لهذه الدعوة في اطار توثيق علاقات التشاور والتعاون بيننا، في كل ما يعود بالخير على بلدينا وشعبينا، لا سيما ونحن نتشاطر بحرا وشمسا ومصائر مشتركة، أرادتها لنا الطبيعة، وكرّسها التاريخ، وتغذّيها اليوم الصداقة العميقة التي تربط بين اللبنانيين والفرنسيين، نحن أيها الأعزاء من المؤمنين بتكاملية وحتمية العلاقة بين الشرق والغرب، فالشرق مختبر الفكر البشري، والغرب مصنع القوة الآلية. الشرق اتصال بالشمس والنجوم، والغرب تفعيل للطاقة، يصيب حينا، وينحرف أحيانا. الشرق مجد الذكاء الأنساني، والغرب سلطان الذكاء الأصطناعي. ونحن نلتقي أيها الأعزاء على أهداف انسانية واحدة وان اختلفت الجسور التي يعتمدها كل منا للوصول الى هذه الأهداف.
المفارقة اليوم أننا نتقاسم خيبات واحدة تجاه هذه الأهداف، فواقعنا في الشرق والغرب لا يشبه عقائدنا وقيمنا والمبادىء التي نادت بها الثورات العظيمة في تاريخنا. لقد أعلنت الأديان السماوية التي خرجت من الشرق، والثورات الكبرى التي أسّست للحضارة الغربية، البشر مخلوقين متساوين، وفي حقيقة الأمر، وبعد قرون على اختبار صدقية القيم العظيمة التي حملتها هذه العقائد والثورات، فأن البشر اليوم ليسوا متساوين سوى في التعاسة”!
اضاف: “ان كل التنظير الدائر على المسرح الدولي اليوم، حول الأرهاب الذي يهددنا جميعا، هو تنظير صحيح ولا يجانب الحقائق بهذه النسبة أو تلك.
وان كل الحلول المطروحة من منطلق عسكري أو سياسي لمكافحة هذا الأرهاب، هي أيضا صحيحة بهذا القدر أو ذاك. ولكن، دعوني أقول لكم أن البؤرة الوحيدة التي تتيح لنمو التخلف والهمجية والأرهاب ضمنا، هي انعدام العدالة، هي غياب العدالة، هي السكوت عن الظلم، هي ازدواجية المعايير السياسية والأخلاقية في المجتمع الدولي تجاه القضايا العادلة.
ان العنوان الأبرز، أيها السيدات والسادة، لفشلنا كبشر سواء كنا شرقيين أو غربيين، هو ما حدث قبل نحو 70 عاما، حين تم السطو على أرض فلسطين وتشريد أهل الأرض الى المنافي، وهو ما استمر حتى اللحظة وجيلا بعد جيل، عدوانا وظلما يتعرض له الفلسطينيون على مرأى العالم، لا بل لا يقصّر هذا العالم في دعم الكيان الأسرائيلي والسياسات الأسرائيلية، في حين أن أبسط الوفاء للقيم التي ينادي بها هذا العالم تقضي بتركيز كل الجهود لأحقاق الحق وارساء العدل، ولن تستقيم حضارة اذا اختل ميزان العدل”.
وتابع: ” ان أبشع ما وصلنا اليه اليوم، هو التهديد الذي يتعرض له المسيحيون في الشرق، والتهديد الذي يتعرض له المسلمون في الغرب. لا شك أن المسيحيين متجذرين في هذا الشرق، في سوريا وفلسطين ولبنان والعراق ومصر وكثير من البلدان، لكن طغيان ثقافة التطرف المتنامية منذ زرع اسرائيل كدولة دينية في أرض فلسطين، كفيل بالقضاء على الجذور وعلى التنوع وعلى العيش الواحد. وأتت بعض الأصوات المخيفة في الغرب ضد المسلمين لكي تزيد مخاوفنا على شرقنا وعلى تنوعه وعلى المسيحيين فيه.
أنا أعرف أنني أقول كلاما كبيرا ربما لا يهتم له سيد البيت الأبيض الذي يعتبر رمز السلطة الكبرى في الغرب، لكنني لا أقول ما أقوله الا لأن الخوف كبير، والمسؤوليات الملقاة علينا جميعا، في كل مواقعنا كبيرة وتاريخية. نحن اليوم جميعا نتعرض لهجمة ارهابية غير مسبوقة، لعلها أخطر ما شهدته البشرية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي هجمة لا توفر أحدا ولا تستثني بلدا، وعنوانها الأبرز هو التطرف الديني والذي يرد عليه الغرب للأسف بتطرف عنصري، لدرجة يمكن القول أن شعبية الفكر الفاشي صارت في الصدارة في كل المجتمعات.ان تنامي هذا التطرف وهذه العنصرية أرضه الخصبة هي الفقر والجهل والجشع الأقتصادي والشراهة في توسيع النفوذ والتمييز بين البشر على اساس ديني وعرقي وغياب الحريات والقوانين التي ترسخ العدالة والمساواة، وكل هذه الآفات حلولها موجودة في كتبنا وفي تاريخنا وفي شعاراتنا المتوارثة، وليس علينا سوى ان نطلق الثورة المضادة، ثورة العودة الى القيم وحمايتها من التشويه واليباس والمجانية، وذلك لا يتم في المدارس والجامعات والمراكز الثقافية فقط، بل يتم بالضرورة في مراكز القرار وفي مؤسسات الحكم وفي السياسات الأقتصادية والمالية التي تحكم عالمنا”.
وقال: “لن أثقل عليكم في “اللبنانيات” والشؤون اللبنانية، ولكنني سأتطرق سريعا الى أمرين:
الأول هو أزمة النازحين السوريين التي فرضت على لبنان الجار والشقيق أن يستقبل عددا من النازحين يوازي عدد سكانه، وهو واجب لا نمّن فيه على الأخوة السوريين، ولكن لا يعني ذلك أن نتجاهل تبعات هذا الواقع على بلد منهك اقتصاديا فضلا عن مشاكله السياسية العميقة. وهنا لا أخفي عليكم عتبنا الكبير على دول الأتحاد الأوروبي ومنها فرنسا، اذ كنا ولا زلنا نرى أن أوروبا لم تساعد لبنان بالمستوى المطلوب والمتوقع منها في ملف النازحين، وأنا هنا أتحدث تحديدا من منطلق سياسي وأمني وانساني، ويقيني أن القيمين على الأمور في اوروبا والدارسين العارفين في التأثيرات الجيوسياسية، يدركون أن مثل هذه الأزمة لا تنحصر في الجغرافيا اللبنانية، وأن هذا البحر الذي نراه الآن أمامنا هو قدرنا نحن وأوروبا، وفيه خلاصنا وفيه أيضا هلاكنا.
الأمر اللبناني الثاني الذي يجدر أن أشير اليه سريعا، هو عجزنا كلبنانيين عن التوافق على قانون جديد للأنتخابات النيابية. وبما أن دستورنا نسخناه عام 1926 عن دستور احدى الجمهوريات في فرنسا، فلا بأس أن أناشد الأصدقاء الفرنسيين بأطلاع نواب الأمة في لبنان على التعديلات التي أجروها خلال 90 سنة على دستورهم، وعلى أحدث قانون انتخابات يتبعونه اليوم، ورهاني أن اللبنانيين الذين يحبون الثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية والجامعات الفرنسية، والملابس الفرنسية، والمطبخ الفرنسي، لن يكرهوا دستور فرنسا وطريقة الفرنسيين في ممارسة اللعبة الديمقراطية. قد تبدو هذه المناشدة من باب الكوميديا السوداء، لكن فيها من الدلالات ما أكتفي به لكي أشير الى ما نعانيه في لبنان من تناقضات بين الشعارات التي نرفعها وبين السلوكيات التي ننتهجها”.
وختم: ” من طرابلس المستلقية على شاطىء المتوسط أقول لكم أن ما يجمعنا كبير وكثير وآمل أن تتيح لكم هذه الزيارة الى مدينتنا الأطلاع على جزء من المشتركات بيننا، آملا أن تمضوا في الفيحاء أوقاتا طيبة، وأن تدوم اللقاءات. شكرا لكم وأهلا بكم في الوطن الذي يحبكم”.
وكان بدأ الاحتفال بالنشيدين اللبناني والفرنسي، ثم كلمة عريفة الاحتفال مايا خليل زكريا، التي رحبت باسم كرامي ب”الوفد الضيف والحضور”، ولفتت الى ان “المحبة التي عودتنا عليهاالعائلة الكرامية واهتمامهم الدائم بطرابلس واهلها، ولهذا اراد الوزير كرامي ان يستضيف الوفد الفرنسي الذي يُعنى بالاقتصاد والسياحة، علنا نستطيع معهم وبمشاركة اتحاد بلديات الفيحاء وغرفة طرابلس من اقامة علاقات وطيدة ومميزة مع بلديات شرق فرنسا ولجانها الاقتصادية والسياحية، علها تكون الخطوة الاولى نحو بناء علاقة تسمح بدفع عجلة السياحة والاقتصاد في طرابلس والشمال”.
تحدث من الوفد الفرنسي كل من ريتشارد، ماير و رين فيشر، الذين شكروا ل” كرامي هذه الدعوة وحسن الضيافة وهذا البرنامج المكثف على مدى ثلاثة ايام كانت كافية لناخذ تصورا عن واقع طرابلس ودورها الريادي والحضاري بما تمتلكه من مقومات قوية ومتينة”. واشارت الكلمات الى “العلاقات اللبنانية الفرنسية وضرورة تطويرها ودفعها الى الامام عبر توطيد وتقوية العلاقات بين طرابلس ومدن الفيحاء ومحافظة الالزاز في شرق فرنسا”.
وركزت الكلمات الفرنسية، على ” الاعجاب الباهر بما شاهدوه في عاصمة الشمال طرابلس من اخوة ومقومات تتجسد في التعايش المسيحي الاسلامي المميز، وهذا يفتح الطريق امام تعاون مثمر بين الالزاز وطرابلس، ولقد شاهدنا المحبة التي تجمع الطرابلسين، ونؤكد اننا جئنا من أجل مشروع ونعود بمشاريع مع الوزير فيصل كرامي”.
وفي الختام، تبادل كرامي والوفد الهدايا التذكارية التي تعكس الحضارة التاريخية لطرابلس وشرق فرنسا.
▪▪▫▪▪
*تِرٌيبًوٌلّي نٌيوٌزُ أِلّإخٌبًأِرٌي*
*?Tripoli News*
http://tnnlb.org